كتاب النبوات لابن تيمية (اسم الجزء: 2)

تمثل الشيطان بالخضر
وكذلك يأتي كثيراً من الناس في مواضع، ويقول: إنه الخضر1، فاعتقد أنه الخضر، وإنما كان جنيّاً من الجن2.
__________
1 الخضر: هو صاحب موسى عليه السلام الذي ورد ذكره في قوله تعالى: {فَوَجَدَا عَبْداً مِنْ عِبَادِنَا آتَيْنَاهُ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَعَلَّمْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْماً} ، وورد ذكره في السنة أيضاً.
وقد اختلف فيه: هل هو نبيّ أو وليّ؟ قال الراجز:
واختلفت في خضر أهل العقول
قيل نبي أو ولي أو رسول
قال الشيخ محمد الأمين الشنقيطي رحمه الله تعالى معلّقاً على قول الراجز هذا: (أو مَلَك) . ثم رجح نبوته عليه السلام، ونصر هذا القول، واستدلّ به وفق طريقته في تفسير القرآن بالقرآن.
وممن قال بنبوته: القرطبي، وابن كثير، وابن حجر.
وكذا اختلف فيه هل هو حي أو ميت؟ وقد قال الإمام أحمد، والبخاري، وابن الجوزي، وشيخ الإسلام ابن تيمية، وابن حجر، والشيخ محمد الأمين الشنقيطي بموته، وأكّدوا أن قول من قال ببقائه حياً لا دليل عليه.
انظر: تفسير القرطبي 1112-15. والزهر النضر في نبأ الخضر لابن حجر ص 27، 115. ومجموع الفتاوى 4337. وأضواء البيان 4158-164. وجهود الشيخ محمد الأمين في تقرير عقيدة السلف 2477، 501.
2 انظر: الجواب الصحيح 2319-320. والفرقان بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان ص 329. ومجموع الفتاوى 1172،، 1371، 78، 93.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "كل من قال: إنه رأى الخضر وهو صادق؛ إما أن يتخيل له في نفسه أنه رآه، ويظن ما في نفسه كان في الخارج، كما يقع لكثير من أرباب الرياضات. وإما أن يكون جنياً يتصور له بصورة إنسان ليُضلّه. وهذا كثير جداً، قد علمنا منه ما يطول وصفه. وإما أن يكون رأى إنسياً ظنّ أنه الخضر وهو غالط في ظنه. فإن قال له ذلك الجني أو الإنسي إنه الخضر، فيكون قد كذب عليه، لا يخرج الصدق في هذا الباب عن هذه الأقسام الثلاثة". الرد على المنطقيين ص 185.

الصفحة 1056