كتاب النبوات لابن تيمية (اسم الجزء: 2)

وما يتولّد عن أفعال الملائكة وغيرهم ليسوا مستقلّين به، بل لهم فيه شركة؛ كطمس أبصار اللوطيّة، وقلب مدينتهم.
وكذلك النصر: إنّما] يقدرون] 1 على القتال كالإنس. والنصر هو من عند الله؛ كما قال تعالى: {ومَا جَعَلَهُ اللهُ إلاَّ بُشرى ولتطمئِنَّ به قلوبُكم وما النَّصْرُ إِلاَّ من عند اللهِ} 2.
[والقرآنُ إنّما يقدرون على النزول به، لا على إحداثه ابتداءً، فهم3 يقدرون على الإتيان بمثله من عند الله] 4.
وأمّا الجنّ والإنس فلا يقدرون على الإتيان بمثله؛ لأنّ الله لا يُكلّم بمثله الجنّ والإنس ابتداءً.
ولهذا قال: {لا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ} 5، وقال تعالى: {فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِّنْ مِثْلِهِ} 6، وقال: {فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ} 7، وقال: {فَلْيَأْتُوا بِحَدِيثٍ مِثْلِهِ إِنْ كَانُوا صَادِقِينَ} 8، لم يُكلّفهم نفس الإحداث، بل طالبهم بالإتيان بمثله؛ إما إحداثاً، وإما تبليغاً عن الله، أو عن مخلوق، ليظهر عجزهم عن جميع الجهات9؛ فقد يُقال: فنفس أفعال العباد ليست من الآيات؛ إذ
__________
1 في ((خ)) : يقدر. وما أثبت من ((م)) ، و ((ط)) .
2 سورة الأنفال، الآية 10.
3 أي الملائكة.
4 ما بين المعقوفتين ملحق بهامش ((خ)) .
5 سورة الإسراء، الآية 88.
6 سورة البقرة، الآية 23.
7 سورة هود، الآية 13.
8 سورة الطور، الآية 34.
9 سبق الكلام على التحدي بالقرآن الكريم. انظر ص 622-623، 624، 1105 من هذا الكتاب.

الصفحة 1072