كتاب النبوات لابن تيمية (اسم الجزء: 2)

والظلم، بل بالصدق والعدل؛ سواءٌ قال: إنّ النبوة جزاء على العمل1، أو قال: إنه إذا زكى نفسه، [فاض] 2 عليه ما يفيض على الأنبياء3. فعلى القولين: هي مستلزمة لالتزام الصدق والعدل.
وحينئذ: فيمتنع أن صاحبها يكذب على الله؛ فإن ذلك يفسدها بخلاف من خالف الأنبياء؛ من السحرة، والكهان، وعباد المشركين، وأهل البدع والفجور؛ من أهل الملل؛ أهل الكتاب، والمسلمين؛ فإن هؤلاء [تحصل] 4 لهم الخوارق، مع الكذب والإثم. بل خوارقهم مع ذلك أشدّ؛ لأنهم يخالفون الأنبياء. وما ناقض الصدق والعدل، لم يكن إلا كذباً وظلماً.
فكلّ من خالف طريق الأنبياء، لا بُدّ له من الكذب والظلم؛ إما عمداً، وإما جهلاً.
__________
1 وهذا قول المعتزلة، كما صرح بذلك شيخ الإسلام رحمه الله في منهاج السنة 2414، 5436-439. وكتاب الصفدية 1225-229.
2 في ((ط)) : فاضل.
3 هذا قول الفلاسفة، كما مر معنا في ص 1312 من هذا الكتاب. وانظر: كتاب الصفدية 1229، 2230.
وقد قال شيخ الإسلام عن النبوة عند الفلاسفة أنهم "يزعمون أن ذلك فيض فاض من العقل على نفس النبيّ كما يفيض على سائر الأنبياء وغيرهم". بغية المرتاد ص 384. وانظر: الرد على المنطقيين ص 218-219، 474-476.
وفكرة الفيض، والصدور - وهما بمعنى واحد عند من قال بهما -: تولّد عن الله. والله تعالى قد نفى جنس التولد عن نفسه. انظر: كتاب الصفدية 1158-160، 347. والرد على المنطقيين ص 214، 218، 219.
4 في ((خ)) : يحصل. وما أثبت من ((م)) ، و ((ط)) .

الصفحة 1077