كتاب النبوات لابن تيمية (اسم الجزء: 2)

من يُكذّبُ في اللفظ، ومنهم من يُحرّف الكلم في المعنى، ومنهم جُهّال لا يفقهون ما يقرؤون؛ قال تعالى: {أَفَتَطْمَعُونَ أَنْ يُؤمِنُوا لَكُمْ} 1، إلى قوله: {فَوَيْلٌ لَهُم مِمَّا كَتَبَتْ أيْدِيهم وويلٌ لَهُمْ مِمَّا يَكْسِبُون} 2.
وكذلك هم مخالفون للأدلة العقلية.
الأنبياء كملوا الفطرة ومخالفوهم أفسدوا الحس والعقل والخبر
فالأنبياء كمّلوا الفطرة، وبصّروا الخلق؛ كما تقدّم3 في صفة محمّد [صلى الله عليه وسلم] 4: أنّ الله يفتحُ به أعيناً عُمياً، وآذاناً صُمّاً، وقلوباً غُلفاً.
ومخالفوهم يُفسدون الحسّ والعقل، كما أفسدوا الأدلة السمعية.
والحسّ والعقل بهما تُعرف الأدلة.
والطرق ثلاثة: الحسّ، والعقل، والخبر.
فمخالفوا الأنبياء أفسدوا هذا، وهذا، وهذا.
أما إفسادهم لما جاء عن الأنبياء: فظاهرٌ.
مخالفوا الأنبياء قسمان:
وأما إفسادهم للحسّ والعقل: فإنّهم قسمان:
قسمٌ أصحاب خوارق حسيّة؛ كالسحرة، والكهّان، وضلال العُبّاد.
وقسمٌ أصحاب كلام واستدلال بالقياس والمعقول.
وكلٌّ منهما يُفسد الحسّ والعقل.
أصحاب الحال الشيطاني
أما أصحاب الحال الشيطانيّ: فقد عُرف أنّ السحر يُغيّر الحسّ
__________
1 سورة البقرة، الآية 75.
2 سورة البقرة، الآية 79.
3 انظر: ص 1284 من هذا الكتاب.
4 في ((خ)) : صلعم.

الصفحة 1095