قول السالمية في كلام الله
وقال طائفة1: بل كلامه قديم العين، وهو حروفٌ، أو حروفٌ وأصواتٌ قديمةٌ أزليّةٌ، مع أنّها مترتّبة في نفسها، وأنّ تلك الحروف والأصوات باقيةٌ أزلاً وأبداً2.
وجمهور العقلاء يقولون إنّ فساد هذا معلومٌ بالضرورة.
وهاتان الطائفتان3 [تقولان] 4 إنّه لا يتكلم بمشيئته وقدرته.
قول الهشامية والكرامية في كلام الله
وقال آخرون؛ كالهشاميّة والكراميّة: بل هو متكلم بمشيئته وقدرته، وكلامه قائم بذاته، ولا يمتنع قيام الحوادث به، لكن يمتنع أن يكون لم يزل متكلماً؛ فإنّ ذلك يستلزم وجود حوادث لا أوّل لها وهو ممتنع5.
فهذه الأربعة في القرآن وكلام الله هي أقوال المشركين في امتناع دوام كون الرب فعّالاً بمشيئته، أو متكلّماً بمشيئته.
__________
1 وقد ذكر شيخ الإسلام رحمه الله (في مجموع الفتاوى 12166) أنّ هذا القول: "قول طوائف من أهل الكلام والحديث؛ من السالمية، وغيرهم؛ يقولون: إنّ كلام الله حروف وأصوات قديمة أزليّة، ولها مع ذلك معان تقوم بذات المتكلّم. وهؤلاء يوافقون الأشعرية والكلابية في أنّ تكليم الله لعباده ليس إلا مجرّد خلق إدراك للمتكلم، ليس هو أمراً منفصلاً عن المستمع".
وانظر: زيادة إيضاح من كلام شيخ الإسلام لهذا القول في شرح الأصفهانية 2331، 333، 338، 341. وانظر: ما سبق ص 317.
2 انظر: شرح العقيدة الطحاوية لابن أبي العزّ 1173.
وقد ذكر شارح الطحاوية تسعة أقوال للناس في صفة الكلام؛ فراجعها في 1172 وما بعدها.
3 الكلابيّة الذين يُنكرون أن يكون حرفاً وصوتاً. والسالمية التي تزعم أنّ كلام الله حروف وأصوات باقية أزلاً وأبداً.
4 في ((خ)) : يقولان. وما أثبت من ((م)) ، و ((ط)) .
5 انظر: مجموع فتاوى ابن تيمية 6524. والفرقان بين الحق والباطل له ص 100. وقاعدة نافعة في صفة الكلام له - ضمن مجموعة الرسائل المنيرية - 275. ورسالة في العقل والروح له - ضمن مجموعة الرسائل المنيرية - 232-33.