كتاب النبوات لابن تيمية (اسم الجزء: 1)

قول أئمة السنة والحديث في كلام الله تعالى
وأمّا أئمة السنة والحديث؛ كعبد الله بن المبارك، وأحمد بن حنبل1، وغيرهما2؛ فقالوا: لم يزل الربّ متكلماً إذا شاء وكيف شاء؛ [فذكروا] 3 أنّه يتكلم بمشيئته وقدرته، وأنّه لم يزل كذلك4.
المتكلمون مخالفون للكتاب والسنة
وهذا يناقض الأصل5 الذي اشترك فيه المتكلمون؛ من الجهميّة، والمعتزلة، ومن تلقى عنهم؛ فلا هم موافقون للكتاب والسنة وكلام السلف؛ لا فيما اتفقوا عليه، ولا فيما تنازعوا فيه، ولهذا يوجد في عامّة أصول الدين لكل منهم قول، وليس في أقوالهم ما يوافق الكتاب والسنة؛ كأقوالهم في كلام الله، وأقوالهم في إرادته ومشيئته، وفي علمه، وفي قدرته، وفي غير ذلك من صفاته6. وإن كان بعضهم أقرب إلى السنة والسلف من بعض.
__________
1 انظر: كلام الإمام أحمد بن حنبل في الرد على الجهمية والزنادقة له ص131. ونقله عنه العلامة ابن القيم في اجتماع الجيوش الإسلامية ص 213. وانظر: أيضاً: كتاب المحنة لحنبل بن إسحاق ص 45، 68.
2 وانظر كتاب السنة لعبد الله بن الإمام أحمد بن حنبل ص 21-42؛ حيث ذكر نقولاً كثيرة عن أئمة أهل السنّة والحديث في كلام الله عزّ وجلّ.
3 في ((ط)) فقط: فكذروا.
4 انظر تفصيل معتقدهم في صفة الكلام في كتب ابن تيمية الآتية: الإيمان ص 162. ودرء تعارض العقل والنقل 2329،، 10222. والاستقامة 1311. ومجموع الفتاوى6533. والتسعينيّة ص131-138، 176-188. 236-238. وشرح الأصفهانية 1200-201، 2341.
5 وهو امتناع حوادث لا أول لها. وما لا يخلو عن الحوادث فهو حادث.
6 ومن يُقلّب كتب المعتزلة، والأشاعرة، والماتريدية، يجد البون الشاسع والفرق الكبير بين أقوال متبعي هذه المذاهب في قضيّة استندوا فيها جميعاً إلى أصل جهميّ واحد، وانطلقوا من منطلق واحد؛ فبنوا عليه أقوالهم التي ينطح بعضها بعضاً، وينقض أوّلها آخرها.

الصفحة 590