كتاب النبوات لابن تيمية (اسم الجزء: 1)

الدليل ما يستلزم وجود المدلول
ثمّ هو شرطٌ بلا حجة؛ فإنّ الدليل على المدلول عليه، هو ما استلزم وجوده. وهذا لا يكون إلا عند عدم المعارض المساوي، أو الراجح. وما كان كذلك، فهو دليلٌ؛ سواءٌ قال المستدلّ به: ائتوا بمثله، وأنتم لا تقدرون على الإتيان بمثله، وقرعهم وعجزهم. أو لم يقل ذلك.
فهو إذا كان في نفسه مما لا يقدرون على الإتيان بمثله؛ سواءٌ ذكر المستدلّ [هذا] 1، أو لم يذكره؛ لا بذكره يصير دليلاً، ولا بعدم ذكره تنتفي دلالته.
وهؤلاء قالوا: لا يكون دليلا [إلا] 2 [إذا] 3 ذكره المستدل. وهذا باطلٌ.
وكذلك الدليل، هو دليلٌ؛ سواءٌ استدلّ به مستدلّ، أو لم يستدلّ. وهؤلاء قالوا: لا يكون دليل النبوة دليلاً، إلا إذا استدلّ به النبيّ حين ادّعى النبوة؛ فجعل نفس دعواه، واستدلاله، والمطالبة بالمعارضة، وتقريعهم بالعجز عنها؛ كلها جزءاً من الدليل.
وهذا غلطٌ عظيمٌ. بل السكوت عن هذه الأمور أبلغ في الدلالة، والنطق بها لا يُقوِّي الدليل. والله تعالى لم يقُل: {فَلْيَأْتُوا بِحَدِيثٍ [مِثْلِهِ] 4} 5، إلاَّ حين قالوا: افتراه؛ لم يجعل هذا القول شرطاً في الدليل، بل نفس عجزهم عن المعارضة هو من تمام الدليل.
__________
1 ما بين المعقوفتين ملحق في ((خ)) بين السطرين ,
2 ما بين المعقوفتين ملحق في ((خ)) بين السطرين.
3 ما بين المعقوفتين مكرّر في ((خ)) .
4 في ((خ)) : بمثله.
5 سورة الطور، الآية 34.

الصفحة 605