كتاب النبوات لابن تيمية (اسم الجزء: 1)

مقارنة بين الأشاعرة والفلاسفة في النبوات
وأولئك1 خيرٌ من الفلاسفة؛ من جهة أنّهم لما أقرّوا بنبوّة محمدٍ، صدّقوه فيما أخبر به من أمور الأنبياء، وغيرهم، وكان عندهم معصوماً من الكذب فيما يبلغه عن الله؛ فانتفعوا بالشرع، والسمعيات. وبها صار فيهم من الإسلام ما تميّزوا به على أولئك2؛ فإن أولئك لا ينتفعون بأخبار الأنبياء؛ إذ كانوا عندهم يُخاطبون الجمهور بالتخييل؛ فهم يكذبون عندهم للمصلحة3.
__________
1 يعني الأشاعرة.
2 يعني الفلاسفة.
3 ولشيخ الإسلام رحمه الله كلام طيّب يشرح فيه النبوة عند الفلاسفة، يقول فيه: "وأما المتفلسفة القائلون بقدم العالم، وصدوره عن علة موجبة - مع إنكارهم أنّ الله تعالى يفعل بقدرته ومشيئته، وأنّه يعلم الجزئيات - فالنبوة عندهم فيضٌ يفيض على الإنسان بحسب استعداده، وهي مكتسبة عندهم. ومن كان متميزاً - في قوته العلمية؛ بحيث يستغني عن التعليم، وشُكّل في نفسه خطاب يسمعه كما يسمع النائم، وشخص يخاطبه كما يُخاطَب النائم؛ وفي العملية بحيث يؤثر في العنصريات تأثيراً غريباً - كان نبيّاً عندهم. وهم لا يُثبتون مَلَكَاً مُفضَّلاً يأتي بالوحي من الله تعالى، ولا ملائكة، بل ولا جِنّاً يخرق الله بهم العادات للأنبياء، إلا قوى النفس. وقول هؤلاء وإن كان شراً من أقوال اليهود والنصارى، وهو أبعد الأقوال عمّا جاءت به الرسل، فقد وقع فيه كثيرٌ من المتأخرين الذين لم يُشرق عليهم نور النبوة؛ من المدّعين للنظر العقليّ، والكشف الخيالي الصوفي. وإن كان غاية هؤلاء الأقيسة الفاسدة، والشكّ، وغاية هؤلاء الخيالات الفاسدة والشطح". منهاج السنة النبوية 2415-416.
وانظر: كلاماً مشابهاً لهذا الكلام لشيخ الإسلام في شرح الأصفهانية - ت السعوي - 2502-507. وكتاب الصفدية 25-7.

الصفحة 611