كتاب النبوات لابن تيمية (اسم الجزء: 1)

ولكنْ آخرون1 سلكوا مسلك التأويل، وقالوا: إنّهم لا يكذبون. ولكن أسرفوا فيه.
من أسباب ظهور الفلاسفة على المتكلمين
ففي الجملة: ظهور الفلاسفة، والملاحدة، والباطنية على هؤلاء تارةً، ومقاومتهم لهم تارةً: لا بُدّ له من أسباب في حكمة الرب، وعدله.
ومن أعظم أسبابه: تفريط أولئك2 وجهلهم بما جاء به الأنبياء؛ فالنبوّة التي ينتسبون إلى نصرها، لم يعرفوها، ولم يعرفوا دليلها، ولا قدروها قدرها.
وهذا يظهر من جهات متعددة. ولا حول ولا قوة إلا بالله.
__________
1 استوفى شيخ الإسلام رحمه الله ذكر مذاهب هؤلاء والرد عليهم، وذكر أن المبتدعة لهم طريقتان في نصوص الأنبياء: أولاً طريقة التبديل، وأهلها صنفان: 1- أهل الوهم والتخييل؛ كابن سينا، وابن عربي، والفارابي، والسهروردي، وابن رشد الحفيد، وابن سبعين، وهو قول المتفلسفة والباطنية كالملاحدة الإسماعيلية، وإخوان الصفا، وملاحدة الصوفية. 2- أهل التحريف والتأويل، وهم المقصودون هنا، وهي طريقة المتكلمين من المعتزلة والكلابية والسالمية والكرامية والشيعة وغيرهم. أما الطريقة الثانية: فهي طريقة التجهيل.
انظر: درء تعارض العقل والنقل 18-20. وكتاب الصفدية 1202، 203، 209، 237، 244، 265، 276، 288، 289. وشرح الأصفهانية 2502-508. والرد على المنطقيين ص 469. ومجموع الفتاوى 467.
2 يعني الأشاعرة، ومن نحا منحاهم من أصحاب دليل الأعراض وحدوث الأجسام.
وقد فصّل شيخ الإسلام رحمه الله هذا الموضع، وزاده بسطاً وإيضاحاً في كتابه القيم شرح الأصفهانية 2329-335.
وانظر: في الكلام على النبوة عند الأشاعرة: منهاج السنة النبوية 2414، 5436-437. وكتاب الصفدية1225-226، 228-229. والكلام عن عصمة الأنبياء عندهم في منهاج السنة 2414-415.
وقد مرت معنا مقارنة بين موقف الأشاعرة من النبوة، وموقف الفلاسفة منها في ص 609-612 من هذا الكتاب.

الصفحة 612