ولا مريد. بل كلامه فيه تقرير حجج من نفى قدرته وإرادته، دون الجانب الآخر؛ كما قد بيَّنَّا ذلك في الكلام على ما ذكره في مسألة القدرة والإرادة1، مع أنّه ولله الحمد الأدلة الدالة على إثبات الصانع، وإثبات قدرته ومشيئته، تفوق الاحصاء.
لكن من لم يجعل الله له نوراً، فما له من نور.
وسبب ذلك إعراضهم عن الفطرة العقلية، و [الشرعة] 2 [النبوية؛ بما ابتدعه المبتدعون مما أفسدوا به الفطرة، والشرعة] 3؛ فصاروا يُسفسطون4 في العقليّات ويقرمطون5 في السمعيات؛ كما قد بُيِّن هذا في
__________
1 هذا الكتاب لم أقف عليه، ويبدو أنّه غير مطبوع، والله أعلم.
وللشيخ رحمه الله كتاب باسم "الإرادة والقدر"، وهو لا يزال مخطوطاً، ويقع في (24) ورقة، كُتب في القرن العاشر. ويوجد في المكتبة السليمانية بتركيا، "خزانة أزميرلي"، رقم 365.
انظر قائمة ببعض مخطوطات شيخ الإسلام رحمه الله ضمن رسالة حققها علي بن عبد العزيز الشبل، بعنوان ((قاعدة في الرد على الغزالي في التوكل)) لشيخ الإسلام ابن تيمية ص 15.
2 في ((م)) ، و ((ط)) : الشرعية.
3 ما بين المعقوفتين ملحق بهامش ((خ)) .
4 سبق تعريف هذه الكلمة ص 553. وانظر معنى السفسطة من كلام شيخ الإسلام في نقض تأسيس الجهمية 1150، 322، 324. وشرح العقيدة الأصفهانية 2451-457. وبغية المرتاد ص 184. ودرء تعارض العقل والنقل 215. والتدمرية ص 19. والرد على البكري ص 77-88. ومنهاج السنة النبوية 2524-225. وكتاب الصفدية 198.
5 القرمطة نسبة إلى مذهب القرامطة. ووجه قرمطتهم: أنّهم جعلوا للنص معنى باطناً يُخالف معناه الظاهر.
والقرامطة: نسبة إلى حمدان قرمط، ولُقّب بذلك لقرمطة في خطه، أو في خطوه. كان أحد دعاتهم في الابتداء، فاستجاب له جماعة، فسموا قرامطة، وقرمطية. وكان هذا الرجل من أهل الكوفة، وكان يميل إلى الزهد، فصادف أحد دعاة الباطنية، وأثّر عليه؛ فاعتنق مذهبهم. ثمّ لم يزل بنوه وأهله يتوارثون مكانه. وكان أشدّهم بأساً: رجل يُقال له أبو سعيد. ظهر في سنة ست وثمانين ومائتين، وقوي أمره، وقتل ما لا يحصى من المسلمين، وخرب المساجد، وأحرق المصاحف، وفتك بالحاج، وسنّ لأهله وأصحابه سنناً، وأخبرهم بمحالات. ثم مات، وخلف بعده ابنه أبا طاهر؛ ففعل مثل فعله، وهجم على الكعبة، فأخذ ما فيها من الذخائر، وقلع الحجر الأسود، وحمله إلى بلده، وأوهم الناس أنه الله ـتعالى الله عن قوله علواً كبيراً.
انظر: الفرق بين الفرق للبغدادي ص 289. وفضائح الباطنية للغزالي ص 12. وتلبيس إبليس لابن الجوزي ص 144-146.
وانظر تعريف شيخ الإسلام رحمه الله للقرمطة في السمعيات في كتابه: نقض تأسيس الجهمية 1150. والرسالة التدمرية ص 19. وشرح حديث النزول ص 428. وبغية المرتاد ص 183-184. وشرح الأصفهانية 2451-457. ودرء تعارض العقل والنقل 215. ومجموع الفتاوى 12213، 13168.