كتاب النبوات لابن تيمية (اسم الجزء: 2)

وأظهر لهم، بل كان الحق في نقيضه، للزم أن يكون عدم الرسول خيراً من وجوده، إذا كان وجوده لم يفدهم عند هؤلاء علماً ولا هدى، بل ذكر1
__________
1 والمقصود به هنا الرسول صلى الله عليه وسلم. وشيخ الإسلام يذكر هذا على سبيل الإلزام، ومناظرتهم بمفهوم كلامهم.
وقد أوضح رحمه الله موقف المتكلمين من أصول الدين التي جاء بها الرسول صلى الله عليه وسلم؛ فقال: "وهؤلاء الفرق مشتركون في القول بأنّ الرسول لم يُبيّن المراد بالنصوص التي يجعلونها مشكلة، أو متشابهة....، ثم منهم من يقول: لم يعلم معانيها أيضاً، ومنهم من يقول: بل علمها، ولم يبينها، بل أحال في بيانها على الأدلة العقلية، وعلى من يجتهد في العلم بتأويل تلك النصوص؛ فهم مشتركون في أنّ الرسول لم يَعْلم، أو لم يُعلّم، بل جهل معناها، أو جهلها الأمة من غير أن يقصد أن يعتقدوا الجهل المركب. وأما أولئك فيقولون: بل قصد أن يعلمهم الجهل المركب، والاعتقادات الفاسدة. وهؤلاء مشهورون عند الأمة بالإلحاد والزندقة، بخلاف أولئك؛ فإنهم يقولون: الرسول لم يقصد أن يجعل أحداً جاهلاً معتقداً للباطل، ولكن أقوالهم تتضمن أن الرسول لم يبيّن الحق فيما خاطب به الأمة من الآيات، والأحاديث، إما مع كونه لم يعلمه، أو مع كونه علمه، ولم يبيّنه".
درء تعارض العقل والنقل 116-17.

الصفحة 644