والسمع، واحتجوا بما ذكروه من القرآن؛ فأوجب ذلك أن يُرَدَّ عليهم، ويُبَيَّن فساد ما احتجوا به من الأدلة السمعية؛ من القرآن، ومن كلام الأنبياء المتقدمين، وما احتجوا به من العقل، وأنهم مخالفون للأنبياء وللعقل؛ خالفوا المسيح، ومَنْ قبله، وحرّفوا كلامهم؛ كما خالفوا العقل، وبُيِّن ما يحتجون به من نصوص الأنبياء، وأنها هي وغيرها من نصوص الأنبياء التي عندهم حجة عليهم لا لهم، وبُيِّن الجواب الصحيح لمن حرّف دين المسيح. وهم لم يطالبوا ببيان دلائل نبوّة نبيّنا، لكن اقتضت المصلحة أن يذكر من هذا ما يناسبه، ويُبْسَط الكلام في ذلك بسطاً أكثر من غيره1.
وقلوب كثير من الناس يجول فيها أمر النبوات وما جاءت به الرسل. وهم2 وإن أظهروا تصديقهم3 والشهادة لهم، ففي قلوبهم مرض ونفاق؛ إذ كان ما جعلوه أصولاً لدينهم، معارض لما جاءت به الأنبياء4.
__________
1 وقد بسط ذلك في كتابه الكبير: الجواب الصحيح لمن بدّل دين المسيح.
والكتاب حقق في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية على شكل رسائل جامعية لنيل درجة الدكتوراة، وقد طبع في ستة أجزاء كبار.
2 أصحاب القانون الكلي؛ الرازي وأتباعه الذين يقدّمون عقلياتهم على قول الله وقول رسوله صلى الله عليه وسلم.
3 تصديق الأنبياء والمرسلين صلوات الله عليهم أجمعين.
4 ويقول شيخ الإسلام رحمه الله عن أصولهم: "ترتيب الأصول في مخالفة الرسول والمعقول؛ جعلوها أصولاً للعلم بالخالق، وهي أصول تناقض العلم به؛ فلا يتم العلم بالخالق إلا مع اعتقاد نقيضها". مجموع الفتاوى 16442-443. وانظر درء تعارض العقل والنقل 213-14.