كتاب النبوات لابن تيمية (اسم الجزء: 2)

الآيات القولية والفعلية
وكما أنّ آياته القوليّة: زعم المكذبون أنّها ليست كلامه، ولا منه، بل هي من قول البشر، وزعموا أنّ الرسول افتراها، أو مَنْ معه، أو تعلّمها من غيره1؛
__________
1 هذا ما ادّعاه كفّار قريش معارضة لما جاء به رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فهذا الوليد بن المغيرة المخزومي أحد رؤسائهم، قال قتادة: زعموا أنه قال: والله لقد نظرت فيما قال الرجل "قصد رسول الله صلى الله عليه وسلم" فإذا هو ليس بشعر، وإنّ له لحلاوة، وإنّ عليه لطلاوة، وإنه ليعلو وما يُعلى عليه، وما أشكّ أنّه سحر. فأنزل الله: {فَقُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ} . (انظر: تفسير ابن كثير 4443. والجواب الصحيح 5373-377) .
وانظر الجواب الصحيح 5331-332؛ فقد ذكر فيه شيخ الإسلام رحمه الله أنّه كان بمكة مولى أعجمي، فقالت قريش إنه يُعلّم محمّداً القرآن.
ومن الآيات التي أنزلها الله فيما ادّعاه هؤلاء الكفّار:
1- قوله تعالى: {إِنَّهُ فَكَّرَ وَقَدَّرَ فَقُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ ثُمَّ قُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ ثُمَّ نَظَرَ ثُمَّ عَبَسَ وَبَسَرَ ثُمَّ أَدْبَرَ وَاسْتَكْبَرَ فَقَالَ إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ يُؤْثَرُ إِنْ هَذَا إِلَّا قَوْلُ الْبَشَرِ} . [المدثر، الآيات 18-25] .
2- قوله تعالى: {وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ لِسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهَذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ} . [سورة النحل، الآية 103] .
3- قوله تعالى: {وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ لِسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهَذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ} . [سورة يونس، الآية 38] .
4- قوله تعالى: {أَمْ يَقُولُونَ تَقَوَّلَهُ بَلْ لا يُؤْمِنُونَ} . [سورة الطور، الآية 33] .
وهذه الآيات جاءت ردّاً على مزاعم الكفار الأوائل. وملّة الكفر واحدة؛ فهؤلاء أذنابهم من الملاحدة، والزنادقة، والفلاسفة يُردّدون تلك الأقوال تلميحاً أو تصريحاً، يُريدون ليُطفئوا نور الله، والله متم نوره.
وينقل لنا شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله أقوالهم في آيات الله الكونيّة، وأنّها نوع من السحر والطلسمات؛ فيقول عنهم: "في الجملة فهؤلاء يدّعون ما ذكره ابن سينا في إشاراته؛ من أنّ خوارق العادات في العالم ثلاثة أنواع، لأنها إما أن تكون بأسباب فلكية؛ كتمزيج القوى الفعّالة السماوية بالقوى المنفعلة الأرضيّة؛ وهذا هو الطِّلسمات. وإما أن تكون بأسباب طبيعية سفلية؛ كخواص الأجسام، وهي النيرنجيات. وإما أن تكون بأسباب نفسانية، ويزعمون أنّ المعجزات التي للأنبياء، والكرامات التي للأولياء، وأنواعاً من السحر والكهانة هو من هذا الباب، ويقولون: الفرق بين النبيّ والساحر: أنّ النبيّ نفسه زكية، تأمر بالخير، والساحر نفسه خبيثة تأمر بالشرّ. فهما يفترقان عندهم فيما يأمر به كلّ منهما، لا في نفس الأسباب الخارقة" كتاب الصفدية 1142-143. وانظر: شرح الأصفهانية 2504. والجواب الصحيح 2328، 6400.

الصفحة 661