كتاب النبوات لابن تيمية (اسم الجزء: 2)

غُلِب السحرة، وآمنوا، واعترفوا بأنّ هذه آية من الله، قال لهم فرعون: {إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ الذِي عَلَّمَكُمُ السِّحْرَ} 1، {إِنَّ هَذَا لَمَكْرٌ مَكَرْتُمُوهُ في المَدِينَةِ لِتُخْرِجُوا مِنْهَا أَهْلَهَا} 2.
وهذا كذبٌ ظاهرٌ؛ فإن موسى جاء من الشام3، ولم يجتمع بالسحرة، إنما فرعون جمعهم، ولم يكن دين موسى دين السحرة، ولا مقصوده مقصودهم، بل هم وهو في غاية التعادي والتباين.
وكذلك سائر السحرة، والكهنة مع الأنبياء من أعظم الناس ذماً لهم، وأمراً بقتلهم، مع تصديق الأنبياء بعضهم ببعض، وإيجاب بعضهم الإيمان ببعض. وهم يأمرون بقتل من يكذّب نبياً، ويأمرون بقتل السحرة، ومن آمن بهم4.
من الفروق بين الأنبياء والسحرة
والسحرة [يذم] 5 بعضهم بعضاً، والأنبياء يصدّق بعضهم بعضاً،
__________
1 سورة طه، الآية 71،، وسورة الشعراء، الآية 49.
2 سورة الأعراف، الآية 123.
3 انظر: تفسير ابن كثير 2238.
4 ومن الأحاديث التي وردت في ذلك: ما رواه جندب رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: "حدّ الساحر ضربة بالسيف". رواه الترمذي في جامعه 460، وقال: الصحيح عن جندب موقوف. ورواه الدارقطني في سننه 3114.
ومن الآثار الواردة عن الصحابة رضي الله عنهم في قتل السحرة: قول عمر بن الخطاب رضي الله عنه قبل موته بسنة: "اقتلوا كلّ ساحر"؛ قال الراوي: فقتلنا في يوم ثلاث سواحر. أخرجه أبو داود في سننه 3431-432، وقال عنه الشيخ سليمان بن عبد الله آل الشيخ: إسناده حسن. انظر: تيسير العزيز الحميد ص 391-392.
5 في ((ط)) : بذم.

الصفحة 664