وكذلك اسم النبي؛ يقال نبي الله؛ كما قال: {فَلِمَ تَقْتُلُونَ أَنْبِيَاءَ اللهِ مِنْ قَبْلُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} 1، وقيل لهم: {لا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضَاً} 2؛ فتقولون: يا محمد. بل قولوا: يا نبيّ الله، يا رسول الله.
معنى الرسول في اللغة
ورسول: فعول؛ بمعنى مفعول؛ [أي مُرْسَل؛ فرسول الله: الذي أرسله الله؛ فكذلك نبي الله هو بمعنى مفعول] 3: أي منبّأ الله؛ الذي نبأه الله. وهذا أجود من أن يقال: إنه بمعنى فاعل؛ أي منبِّىء؛ فإنّه إذا نبّأه الله، فهو نبيّ [الله] 4؛ سواء أنبأ بذلك غيره، أو لم ينبئه؛ فالذي صار به النبيّ نبيّاً: أن ينبئه الله.
وهذا مما يبيّن ما امتاز به عن غيره؛ فإنه إذا كان الذي ينبئه الله؛ كما أنّ الرسول هو الذي يُرسله الله؛ فما نبأ الله حقّ، وصدق، ليس فيه كذب؛ لا خطأً، ولا عمداً5؛ وما يوحيه الشيطان: هو من إيحائه، ليس من إنباء
__________
1 سورة البقرة، الآية 91.
2 سورة النور، الآية 63.
3 ما بين المعقوفتين ملحق بهامش ((خ)) .
4 ما بين المعقوفتين ملحق في ((خ)) بين السطرين.
5 وهذه مسألة لغوية يتطرّق إليها شيخ الإسلام رحمه الله في تعريف اسم النبيّ: هل النبيّ فعيل بمعنى فاعل، أم فعيل بمعنى مفعول. وهي مسألة خلافية، ذهب فيها بعض العلماء إلى القول الأول؛ أي أنّه فعيل بمعنى فاعل.
انظر: لسان العرب لابن منظور 1162. وروح المعاني للآلوسي 978-79.
ورجّح شيخ الإسلام رحمه الله أنّه فعيل بمعنى مفعول، وعلّل ذلك بأنّ النبيّ صار نبيّاً؛ لأنّه منبَّأ من الله، وهذا الذي امتاز به النبيّ عن غيره؛ فهو بمعنى مفعول: أي نبّأه الله؛ سواء نبّأ غيره، أم لا.
ومن العلماء من جمع بين القولين؛ كالراغب الأصفهاني الذي قال: (والنبيّ لكونه منبئاً بما تسكن إليه العقول الذكية، وهو يصحّ أن يكون فعيلاً بمعنى فاعل؛ لقوله تعالى: {نَبِّئْ عِبَادِي} [الحجر 49] ، {قل أو أُنبّئكم} [آل عمران 15] ، وأن يكون بمعنى المفعول؛ لقوله: {نَبَّأَنِيَ الْعَلِيمُ الْخَبِيرُ} [التحريم 3] ) . انظر مفردات القرآن للراغب الأصفهاني ص 789.
وسيأتي التعريف اللغوي للنبوة، وزيادة إيضاح لما ذكر هاهنا من كلام شيخ الإسلام رحمه الله في ص 863 من هذا الكتاب.