كتاب النبوات لابن تيمية (اسم الجزء: 2)

ثمّ إنّهم لمّا سمعوا كلام الأنبياء، أرادوا الجمع بينه، وبين أقوالهم؛ فصاروا يأخذون ألفاظ الأنبياء، فيضعونها على معانيهم، ويسمّون تلك المعاني بتلك الألفاظ المنقولة عن الأنبياء، ثم يتكلّمون ويصفون الكتب بتلك الألفاظ المأخوذة عن الأنبياء؛ فيظنّ من لم يعرف مراد الأنبياء ومرادهم أنّهم عنوا بها ما عنته الأنبياء. وضل بذلك طوائف. وهذا موجود في كلام ابن سينا1، ومن أخذ عنه.
الغزالي ربما حذّر عن مذهب الفلاسفة وأخذ بأقوالهم
وقد ذكر الغزالي ذلك عنهم تعريفاً بمذهبهم، وربّما حذّر عنه2، ووقع في كلامه طائفة من هذا في الكتب المضنون بها على غير أهلها3، وفي غير ذلك4؛ حتى في كتابه الإحياء5؛ يقول: الملك، والملكوت،
__________
1 انظر: الرسالة العرشية لابن سينا ص 120. وآراء أهل المدينة الفاضلة للفارابي ص 112. وانظر أيضاً بغية المرتاد لابن تيمية ص 332، 342.
وقد جعل ابن سينا العقل الفعّال هو جبريل عند المسلمين، وكذا الفارابي يرى أنّ جبريل عقل محض، وجوهر، وليس بمادة. راجع آراء أهل المدينة الفاضلة للفارابي ص 61. فجبريل عند ابن سينا، وعند الفارابي، وغيرهما من الفلاسفة هو عقل، يتلقى العلوم من عقل آخر؛ وهي نفس العلوم التي عند الله؛ فالعقل الفعّال يفيض العلوم دون أمر من أحد، وإنّما هذا الفيض هو لجوده وكرمه الذي هو في الأصل صفة لله انتقلت إليه عن طريق العقول.
انظر: آراء أهل المدينة الفاضلة ص 59-60، 68-73. والهداية لابن سينا ص 474.
2 انظر مثلاً تكفيره للفلاسفة في كتابه: تهافت الفلاسفة ص 254.
3 انظر كتابه: المضنون به على غير أهله ص 305-309.
4 انظر من كتب الغزالي: مشكاة الأنوار ص 66-74. وتهافت الفلاسفة ص 192-194. ومعارج القدس ص 151-164؛ فإنّه يرى أنّ النبوة لها ثلاث خواصّ، مثل الفلاسفة تماماً.
5 انظر: إحياء علوم الدين 187.

الصفحة 699