كتاب النبأ العظيم
وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ، لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلَانَا فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ} .
والآن وقد تناول البيان أركان الدين كلها، وألمَّ بعناصره جميعها: الإيمان، والإسلام، والإحسان؛ لم يبق بعد تمام الحديث إلا طي صحيفته، وإعلان ختامه؟
فهل تعرف كيف طويت صحيفة هذه السورة، وكيف أعلن ختامها؟
لنعد بذاكرتنا إلى الآيات الخمس التي افتتحت بها سورة البقرة؛ لنرى كيف تتجاوب تلك المقدمة مع هذه الخاتمة؛ ثم كيف يتعانق الطرفان هكذا ليلتحم من قوسيهما سور محكم يحيط بهذه السورة، فإذا هي سورة حقًّا، أي بنية محبوكة مسورة..
ألم يكن مطلع السورة وعدًا كريمًا لمن سيؤمن بها ويطيع أمرها بأنهم أهل الهدى وأهل الفلاح؟
ألسنا نترقب الآن صدى هذا الوعد؟ بلى؛ إننا ننتظر الآن أن تحدثنا السورة: هل آمن بها أحد، وهل اتبع هداها أحد، ثم ننتظر منها إن كان ذلك قد وقع، أن تحدثنا عن جزاء من استمع واتبع..
وهكذا سيكون مقطع السورة:
1- بلاغًا عن نجاح دعوتها: {آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ ... وَقَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا} .
2- وفاءً بوعدها لكل نفس بذلت وسعها في اتباعها: {لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ} .
3- فتحًا لباب الأمل على مصراعيه أمام هؤلاء المهتدين. فليبسطوا إذًا أكفهم مبتهلين: "ربنا.. ربنا.. ربنا أنت مولانا فانصرنا على القوم الكافرين".
الصفحة 283
283