كتاب النبأ العظيم

الشيخ دراز بـ"القشرة السطحية" لا يمكن حدوثه عن كلام آخر من غير القرآن.
فهذا -إذن- وجه جديد يعرضه شيخنا في كتابه الرائع "النبأ العظيم" أو "نظرات جديدة في القرآن الكريم".
ويمكن إجراء هذه التجارب الآن بالاستماع إلى القرآن من "الحاكي" أو المسجل بالشروط التي وصفها الشيخ -رحمه الله.
ومن النقاط الجديرة بالاهتمام التي لا تراها إلا في "النبأ العظيم"، ما شاع في كتب التفسير واللغة من وجود حروف أو أدوات أو كلمات زائدة في النظم القرآني.
فقد رفض الشيخ -وهو محق- التسليم بوجود أي حرف أو أداة أو كلمة زائدة في القرآن ليس لها معنًى تؤديه.
وضرب لذلك مثلًا بقوله تعالى في سورة الشورى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} أي لمثل الله، وذكر أن فيها مذهبين:
الأول: القول بأنها زائدة لا معنى لها، وأن الأصل أن يقال: "ليس مثله شيئًا"؛ لأن الكاف بمعنى "مثل"، فلو سلمنا بأنها غير زائدة لكان المعنى: "ليس مثل مثله شيئًا"، ويكون في هذا إثبات المثلية لله، وهذا ينافي عقيدة التوحيد.
الثاني: فريق يدافع عن وجود "الكاف" وينفي عنها الاتمامات التي توجه إليها.
ولم يرتضِ شيخنا لا هذا ولا ذاك، فلم يسلم بأن "الكاف" زائدة أصلًا، ولم يسلم بأن هذه "الكاف" متهمة يحسن الدفاع عنها، بل أثبت لهذه "الكاف" مزايا بيانية ولمحات "عقدية" ما كانت لتفاد إلا من ورود "الكاف". وسف يمتِّع القارئ نفسه، ويقنع عقله، وينير قلبه حين يطالع ما كتبه الشيخ دراز في هذا المقام.

الصفحة 9