كتاب نظم الدرر في تناسب الآيات والسور (اسم الجزء: 2)

في غير ما أجراه الله تعالى على ألسنة أنبيائه {وما أسألكم عليه من أجر}
[الشعراء: 109] ولما كان كل ما لم يثبت من خير الدنيا في الآخرة وإن جل حقيراً قال: {قليلاً} هذا المراد لا تقييده بالقليل.
ولما كانوا قد بعدوا عن مواطن الرحمة ببخلهم بما لا ينقصه الإنفاق أشار إليهم بأداة البعد فقال: {أولئك} وفي خطاب النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ به إشعار بوقوع ذلك من طائفة من أمته حرصاً على الدنيا {ما يأكلون} أي في هذه الحال على ما دلت عليه ما. ولما كان الأكل يطلق على مجرد الإفساد حقق معناه بقوله: {في بطونهم} جمع بطن وهو فضاء جوف الشيء الأجوف لغيبته عن ظاهره الذي هو ظهر ذلك البطن {إلا النار} كما أحاط علمه سبحانه وتعالى بالغيب إن ذلك على الحقيقة وبصره لعيون أهل الكشف الذين يرون العواقب في الأوائل والغيب في الشهادة، وفي ذكره بصيغة الحصر نفي لتأويل المتأول بكونه سبباً وصرف له إلى وجه التحقيق الذي يناله

الصفحة 351