كتاب نظم الدرر في تناسب الآيات والسور (اسم الجزء: 2)

وإذا جعلته مجازاً كان مثل قولك لمن عاند السلطان: ما أصبرك على السجن الطويل والقيد الثقيل! تهديداً له.
ولما ذكر جزاءهم وشرح حالهم والتعجيب من أمرهم ذكر السبب الموجب لهذا الإبعاد العظيم والتهديد الكبير فقال: {ذلك} مشيراً بأداة البعد {بأن الله} فذكر الاسم الأعظم أيضاً الذي معناه أن له جميع صفات الكمال تعظيماً للمقام {نزّل الكتاب} أي الجامع لأنواع الهدى {بالحق} منجماً تقريباً للأفهام وتدريباً للخاص والعام، وهو صالح لإرادة القرآن والتوراة أي الثابت الكامل في الثبات، فمن كتمه فقد حاول نفي ما أثبته الله تعالى فقد ضاد الله في ملكه، ومن خالف فيه وهو الذي لا شبهة تلحقه فقد عد الواضح ملبساً فقد أبعد المرمى.
ولما كان التقدير: فاختلفوا، أتبعه قوله: {وإن الذين اختلفوا} أي خالف بعضهم بعضاً {في الكتاب} نفسه أي لا في فهمه، وهذه العبارة تدل على أن الاختلاف قول بعض في الكتاب كله

الصفحة 354