كتاب نظم الدرر في تناسب الآيات والسور (اسم الجزء: 4)
نتيجة ما مضى ببيان من هو أقرب إليه ممن جاء بعده، فقرر أن الأولى به إنما هو من اتبعه في أصل الدين، وهو التوحيد والتنزيه الذي لم يختلف فيه نبيان أصلاً، وفي الانقياد للدليل وترك المألوف من غير تلعثم حتى صاروا أحقاء بالإسلام الذي هو وصفه بقوله سبحانه وتعالى مؤكداً رداً عليهم وتكذيباً لمحاجتهم: {إن أولى الناس} أي أقربهم وأحقهم {بإبراهيم للذين اتبعوه} أي في دينه من أمته وغيرهم، لا الذين ادعوا أنه تابع لهم، ثم صرح بهذه الأمة فقال: {وهذا النبي} أي هو أولى الناس به {والذين آمنوا} أي من أمته وغيرهم وإن كانوا في أدنى درجات الإيمان {والله} أي بما له من صفات الكمال - وليهم، هذا الأصل، ولكنه قال: {ولي المؤمنين *} ليعم الأنبياء كلهم وأتباعهم من كل فرقة، ويعلم أن الوصف الموجب للتقريب العراقة في الإيمان ترغيباً لمن لم يبلغه في بلوغه.
ولما كان قصد بعضهم بدعواه أن إبراهيم عليه الصلاة والسلام على دينه إنما هو إضلال أهل الإسلام عقب ذلك بالإعراب عن مرادهم بقوله تعالى - جواباً لمن كأنه قال: فما كان مراد أهل الكتابين بدعواهم
الصفحة 454
482