كتاب نظم الدرر في تناسب الآيات والسور (اسم الجزء: 4)

من حالهم منبهاً على ضلالهم بقوله معرضاً عنهم إيذاناً بالغضب: {قل إن الهدى هدى الله} أي المختص بالعظمة وجميع صفات الكمال، أي لا تقدرون على إضلال أحد منا عنه، ولا نقدر على إرشاد أحد منكم إليه إلا بإذنه، ثم وصل به تقريعهم فقال: {أن} بإثبات همزة الإنكار في قراءة ابن كثير، وتقديرها في قراءة غيره، أي أفعلتم الإيمان على الصورة المذكورة خشية أن {يؤتى أحد} أي من طوائف الناس {مثل ما أوتيتم} أي من العلم والهدى الذي كنتم عليه أول الأمر {أو} كراهة أن {يحاجوكم} أي يحاجكم أولئك الذين أوتوا مثل ما أوتيتم {عند ربكم} الذي طال إحسانه إليكم بالشهادة عليكم أنهم آمنوا وكفرتم بعد البيان الواضح فيفضحوكم.
ولما كانت هذه الأية شبيهة بآية البقرة {ما يود الذين كفروا من أهل الكتاب ولا المشركين أن ينزل عليكم من خير من ربكم} [البقرة: 105] في الحسد على ما أوتي غيرهم من الدين الحق وكالشارحة لها ببيان ما يلبيسونه لقصد الإضلال ختمت بما ختمت به تلك، لكن لما قصد بها

الصفحة 458