كتاب نظم الدرر في تناسب الآيات والسور (اسم الجزء: 4)
الرد عليهم في كلا هذين الأمرين اللذين دبروا هذا المكر لأجلهما زيدت ما له مدخل في ذلك فقال تعالى مجيباً لمن تشوف إلى تعليم ما لعله يكف من مكرهم ويؤمن من شرهم معرضاً عنهم بالخطاب بعد الإقبال عليهم به إيذاناً بشديد الغضب: {قل إن الفضل} في التشريف بإنزال الآيات وغيرها {بيد الله} المختص بأنه لا كفوء له، فله الأمر كله ولا أمر لأحد معه، وأتبعه نتيجته فقال: {يؤتيه من يشاء} فله مع كمال القدرة كمال الاجتباء، ثم قال مرغباً مرهباً وراداً عليهم في الأمر الثاني: {والله} الذي له من العظمة وسائر صفات الكمال ما لا تحيط به العقول ولا تبلغه الأوهام {واسع عليم *} أي يوسع على من علم فيه خيراً، ويهلك من علم أنه لا يصلح لخير، ويعلم دقيق أمركم وجليله، فلا يحتاج سبحانه وتعالى إلى تنبيه أحد بمحاجتكم عليه عنده.
ولما كان هذا من الوضوح بحيث لا يحتاج إلى تأكيد انتقل عنه إلى تأكيد الرد عليهم في الأمر الأول بثمرة هذه الجملة ونتيجتها
الصفحة 459
482