كتاب نظم الدرر في تناسب الآيات والسور (اسم الجزء: 6)

بضرب قهر، وزاد بعد هذا التقييد تخويفاً بقوله: {فإن الله} أي الذي له الكمال كله {غفور رحيم *} أي يمحو عنه إثم ارتكابه للمنهي ولا يعاقبه عليه ولا يعاتبه ويكرمه، بأن يوسع عليه من فضله، ولا يضطره مرة أخرى - إلى غير ذلك من الإكرام وضروب الأنعام.
ولما تقدم إحلال الصيد وتحريم الميتة، وختم ذلك بهذه الرخصة، «وكان النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قد أمر بقتل الكلاب» وكان الصيد ربما مات في يد الجارح قبل إدراك ذكاته، سأل بعضهم عما يحل من الكلاب، وبعضهم عما يحل من ميتة الصيد إحلالاً مطلقاً لا بقيد الرخصة، إذ كان الحال يقتضي هذا السؤال؛ روى الواحدي في أسباب النزول بسنده عن أبي رافع رضي الله عنه قال: «أمرني رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بقتل الكلاب، فقال الناس: يا رسول الله! ما أحل لنا من هذه الأمة التي أمرت بقتلها؟ فأنزل الله تعالى: {يسئلونك} » .
ولما كان هذا إخباراً عن غائب قال: {ماذا أحل لهم} دون «لنا» قال الواحدي: أي من إمساك الكلاب وأكل الصيود وغيرها، أي من المطاعم، ثم قال الواحدي: رواه الحاكم أبو عبد الله في صحيحه، وذكر المفسرون شرح هذه القصة، قال: قال أبو رافع رضي الله عنه: جاء جبريل إلى النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فاستأذن عليه، فأذن له فلم يدخلن فخرج رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقال: قد أذنا

الصفحة 19