كتاب نظم الدرر في تناسب الآيات والسور (اسم الجزء: 6)

ذكر وصف الإحصان الواقع على العفة للتنبيه على أنه لا يقصد المتصفة بغيره لمجرد الشهوة إلا من سلب الصفات البشرية، وأخلد إلى مجرد الحيوانية، فصار في عداد البهائم، بل أدنى، مع أن التعليق بذلك الوصف لا يفهم الحرمة عند فقده، بل الحل من باب الأولى، لأن من حكم مشروعية النكاح الإعفاف، فإذا شرع إعفاف العفائف كان شرع إعفاف غيرهن أولى، لأن زناها إما لشهوة أو حاجة، وكلاهما للنكاح مدخل عظيم في نفيه. والله أعلم.
ولما كان السر في النهي عن نكاح المشركات في الأصل ما يخشى من الفتنة، وكانت الفتنة - وإن علا الدين روسخ الإيمان واليقين. لم تنزل عن درجة الإمكان، وكانت الصلاة تسمى إيماناً لأنها من أعظم شرائعه {وما كان الله ليضيع إيمانكم} [البقرة: 143] أي صلاتكم، وروى الطبراني في الأوسط عن عبد الله بن قرط رضي الله عنه قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أول ما يحاسب به العبد يوم القيامة الصلاة، فإن صلحت صلح سائر عمله، وإن فسدت فسد سائر عمله» وله في الأوسط أيضاً بسند ضعيف عن أنس رضي الله عنه قال: «قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ» أول ما يحاسب به العبد يوم القيامة ينظر في صلاته، فإن صلحت فقد أفلح، وإن فسدت فقد خاب وخسر «وكانت مخالطة الأزواج مظنة للتكاسل عنها، ولهذا أنزلت آية {حافظوا على الصلوات} [البقرة: 238]

الصفحة 27