كتاب نظم الدرر في تناسب الآيات والسور (اسم الجزء: 6)

وكذا إيصال الماء إلى البشرة إذا كثفت اللحية خفف للحرج واكتفى عنه بظاهر اللحية، وأما العنفقة ونحوها من الشعر الخفيف فيجب {وأيديكم} .
ولما كانت اليد تطلق على ما بين المنكب ورؤوس الأصابع، قال مبيناً إن ابتداء الغسل يكون من الكفين، لأنهما لعظم النفع أولى بالاسم: {إلى المرافق} أي آخرها، أخذاً من بيان النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بفعله، فإنه كان يدير الماء على مرفقيه، وإنما كان الاعتماد على البيان لأن الغاية تارة تدل كقوله تعالى {من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى} [الإسراء: 1] وتارة لا تدخل كقوله تعالى {ثم أتموا الصيام إلى اللّيل}
[البقرة: 187] والمرفق ملتقى العظمين، وعفي عما فوق ذلك تخفيفاً {وامسحوا} ولما عدل عن تعدية الفعل إلى الرأس، فلم يفعل كما فعل في الغسل مع الوجه، بل أتى بالباء فقال: {برءوسكم} علم أن المراد إيجاد ما يسمى مسحاً في أي موضع كان من الرأس، دون خصوص التعميم وهو معنى قول الكشاف: المراد إلصاق المسح بالرأس، وماسح بعضه ومستوعبه بالمسح كلاهما ملصق للمسح.
ولما كان غسل الرجل مظنة الإسراف فكان مأموراً بالاقتصاد فيه، وكان المسح على الخف سائغاً كافياً، قرىء: {وأرجلكم} بالجر على المجاورة إشارة إلى ذلك أو لأن الغاسل يدلك في الأغلب،

الصفحة 32