كتاب نظم الدرر في تناسب الآيات والسور (اسم الجزء: 6)
الأراضي أبهج، بعض فقال: {من تحتها الأنهار} ولما كان مثل هذا لا يريح إلا إذا دام قال: {خالدين فيها} وأكد معنى ذلك بقوله: {أبداً} .
ولما كان ذلك لا يتم إلا برضى المالك قال: {رضي الله} أي الذي له صفات الكمال {عنهم} أي بجميع ما له من الصفات، وهو كناية عن أنه أثابهم بما يكون من الراضي ثواباً متنوعاً بتنوع ما له من جميع صفات الكمال والجمال؛ ولما كان ذلك لا يكمل ويبسط ويجمل إلا برضاهم قال: {ورضوا عنه} يعني أنه لم يدع لهم شهوة إلا أنالهم إياها، وقال ابن الزبير بعدما أسلفته عنه: فلما طلب تعالى المؤمنين بالوفاء فيما نقض به غيرهم، وذكّرهم ببعض ما وقع فيه النقض وما أعقب ذلك فاعله، وأعلمهم بثمرة التزام التسليم والامتثال، أراهم جل وتعالى ثمرة الوفاء وعاقبته، فقال تعالى
{وإذ قال الله يا عيسى ابن مريم أنت قلت للناس} [المائدة: 116] إلى قوله - {هذا يوم ينفع الصادقين} - إلى آخرها. فيحصل من جملتها الأمر بالوفاء فيما تقدمها وحالُ من حاد ونقض، وعاقبة من وفى، وأنهم الصادقون، وقد أمرنا أن نكون معهم {يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين} [التوبة: 119]- انتهى.
ولما كان سبحانه قد أمرهم أول السورة بالوفاء شكراً على ما أحل لهم في دنياهم، ثم أخبر أنه زاد الشاكرين منهم ورقاهم إلى أن أباحهم أجلّ
الصفحة 369
372