كتاب نظم الدرر في تناسب الآيات والسور (اسم الجزء: 7)

بإنزال الكتب وإرسال الرسل ونصب الشرائع التي بها يحصل النفع وتتم النعمة بإصلاح أمر المعاش والمعاد بتعظيم أمر الله والشفقة على خلق الله، ويجمع ذلك كله التنزه عن الإساءة.
ولما تقدم إليهم بالأمر والنهي، أشار إلى عظمة ما تضمنه ذلك حثاً لهم على امتثاله فقال: {ذلكم} أي الأمر العظيم العالي الرتبه مما ذكر في هذه القصة {خير لكم} ولما كان الكافر ناقص المدارك كامل المهالك، أشارإلى ذلك بقوله: {إن كنتم مؤمنين*} أي فلا تفسدوا أو فأنتم تعرفون صحة ما قلته، وإذ عرفتم صحته عملتم به، وإذا عملتم به أفلحتم كل الفلاح، ويجوز- وهو أحسن - أن يكون التقدير: فهو خير لكم، لأن المؤمن يثاب على فعله لبنائه له على أساس الإيمان، والكافر أعماله فاسده فلا يكون فعله لهذه الأشياء خيراً له من جهة إسعادة في الآخرة لأنه لا ثواب له.
ولما كان للتعميم بعد التخصيص والتفصيل بعد الإجمال من الموقع في النفوس ما لا يخفى، وكان النهي عن الإفساد بالصد عن سبيل الله هو المقصود بالذات لأنه ينهى عن كل فساد، خصه بالذكر إشارة إلى أنه زبدة المراد بعد التعميم فقال: {ولا تقعدوا} أي تفعلوا فعل المترصد المقبل بكليته {بكل صراط} أي طريق من طرق الدنيا والدين من الحلال والحرام والأوامر والنواهي والمحكم والمتشابه والأمثال

الصفحة 461