كتاب نظم الدرر في تناسب الآيات والسور (اسم الجزء: 10)

فعلنا بهم ما فعلنا {قد مكروا مكرهم} أي الشديد العظيم الذي استفرغوا فيه جهدهم بحيث لم يبق لهم مكر غيره في تأييد الكفر وإبطال الحق؛ والمكر: الفتل إلى الضرر على وجه الحيلة {و} الحال أنه {عند الله} أي المحيط علماً وقدرة {مكرهم} هو وحده به عالم من جميع وجوهه وإن دق، وعلى إبطاله قادر وإن جل {وإن كان مكرهم} من القوة والضخامة {لتزول} أي لأجل أن تزول {منه الجبال *} والتقدير على قراءة فتح اللام الأولى ورفع الثانية: وإن كان بحيث إنه تزول منه الجبال، والمعنيان متقاربان، وقيل: «إن» نافية، واللام لتأكيد النفي؛ والجبال: الآيات والشرائع، بل هي أثبت.
ولما تقرر ذلك من علمه سبحانه وقدرته، تسبب عنه أن يقال وهو كما تقدم في أن المراد الأمة لبلوغ الأمر كل مبلغ، خوطب به الرأس ليكون أوقع في قلوبهم: {فلا تحسبن الله}

الصفحة 437