كتاب نظم الدرر في تناسب الآيات والسور (اسم الجزء: 11)
ولما كان الغالب في هذه السورة القطع الذي هو من لوازم الكتاب قدمه، وذلك أنه قطع بأمر الأجل والملائكة، وحفظ الكتاب والرمي بالشهب، وكفاية المستهزئين، فكان كما قال سبحانه {و} آيات {قرآن} أي قرآن جامع ناشر مفصل واصل، إذ التنوين للتعظيم {مبين *} لجميع ما يجمع الهمم على الله فيوصل إلى السعادة، وهذه الإبانة - التي لم تدع لبساً - هو متصف بها، مع كونه جامعاً للأصول ناشراً للفروع لا خلل فيه يدخل منه عليه، ولا فصم يؤتى منه إليه، فأعجب لأمر حاوٍ لجميع وفرق وفصل ووصل: والإبانة: إظهار المعنى للنفس بما يميزه عن غيره، لأن أصل الإبانة الفصل: فهذا شرح كونه بلاغاً، فمقصود هذه السورة اعتقاد كون القرآن بلاغاً جامعاً للأمور الموصلة إلى الله، مغنياً عن جميع الأسباب، فلا ينبغي الالتفات إلى شيء سواه {ذرهم يأكلوا} ، {لا تمدن عينيك} {واعبد ربك حتى يأتيك اليقين} وكان الجمع بين الوصفين الدال كل منهما على الجمع إشارة إلى الرد عليهم في جعلهم القرآن عضين، وأن قولهم شديد المباعدة لمعناه. مع أن المفهومين - مع تصادقهما على شيء واحد - متغايران، فالكتاب: ما يدون في الطروس، والقرآن:
الصفحة 3
543