كتاب نظم الدرر في تناسب الآيات والسور (اسم الجزء: 13)

الشاهدة بثباتهم في الإيمان بعد ما ضرهم في الدنيا بأنواع المعايب، تطهيراً لهم مما اقترفوه من الزلات، وأهوتهم إليه الهفوات {جنات تجري من تحتها} أي من أيّ مكان أردت من أرضها {الأنهار} ولما كان هذا أمراً باهراً دل على سهولته بقوله: تصريحاً بما أفهمه السياق من وصف الاختيار: {إن الله} أي المحيط بكل شيء قدرة وعلماً {يفعل ما يريد*} من كل نفع وضر.
ولما أتم الدليل على خسران هذا المنقلب وربح الثابت، وكان هذا مفهماً لأن من رجاه لما وعد به بادر الإقبال عليه ولم ينفع إلا نفسه، ومن لا يرج ذلك أعرض عن الله سبحانه منقلباً على جهه فلم يضر إلا نفسه، ترجم عن حال هذا الثاني العابد على حرف بقوله: {من كان يظن} أي ممن أصابته فتنة {أن لن ينصره الله} ذو الجلال والإكرام في حال من أحواله {في الدنيا والآخرة} فأعرض عنه انقلاباً على وجهه فإنه لا يضر إلا نفسه وإن ظن أنه لا يضرها {فليمدد بسبب} أي حبل أو شيء من الأشياء الموصلة له {إلى السماء} التي يريدها من سقف أو سحاب أو غيرهما.
ولما كان مده ذلك متعسراً أو متعذراً، عبر عما يتفرع عليه بأداة

الصفحة 21