كتاب نظم الدرر في تناسب الآيات والسور (اسم الجزء: 13)

أن ينفصلوا منها وهم في النار ثم يردون كما كانوا، وذلك أشد في العذاب، مقولاً لهم: ارجعوا صاغرين مقاسين لغمومها {وذوقوا عذاب الحريق*} أي العذاب البالغ في الإحراق.
ولما ذكر ما لأحد الخصمين وهم الكافرون، أتبعه ما للآخر وهم المؤمنون، وغير السياق بالتأكيد لمن كأنه سأل عنه، معظماً له بإثبات الاسم العلم الجامع إيذاناً بالاهتمام فقال: {إن الله} أي الذي له الأمر كله {يدخل الذين آمنوا} عبر في الإيمان بالماضي ترغيباً في المبادرة إلى إيقاعه {وعملوا الصالحات} تصديقاً لإيمانهم، وعبر بالماضي إشارة إلى أن من عمل الصالح انكشف له ما كان محجوباً عنه من حسنه فأحبه ولم ينفك عنه {جنات تجري} أي دائماً {من تحتها الأنهار} أي المياه الواسعة، أينما أردت من أرضها جرى لك نهر في مقابلة ما يجري من فوق رؤوس أهل النار {يحلون فيها} في مقابلة ما يزال من بواطن الكفرة وظواهرهم {من أساور} .
ولما كان مقصودها الحث على التقوى المعلية إلى الإنعام بالفضل، شوّق إليه بأغلى ما نعرف من الحلية فقال: {من ذهب ولؤلؤاً} وقراءة نافع وعاصم بنصبه دليل على عطفه بالجر على «أساور» {ولباسهم فيها حرير*} في مقابلة ثياب الكفار كما كان لباس الكفار

الصفحة 31