كتاب نظم الدرر في تناسب الآيات والسور (اسم الجزء: 14)
الفتاء في السن الذي صفرة العمر؛ ثم عللت أمرها لهم بذلك بأنها شأنها دائماً مشاورتهم في كل جليل وحقير، فكيف بهذا الأمر الخطير، وفي ذلك استعطافهم بتعظيمهم وإجلالهم وتكريمهم، فقال: {ما كنت} أي كوناً ما {قاطعة أمراً} أي فاعلته وفاصلته غير مترددة فيه {حتى تشهدون*} وقد دل على غزارة عقلها وحسن أدبها، ولذلك جنت ثمرة أمثال ذلك طاعتهم لها في المنشط والمكره، فاستأنف تعالى الإخبار عن جوابهم بقوله: {قالوا} أي الملأ مائلين إلى الحرب: {نحن أولوا قوة} أي بالمال والرجال {وأولوا بأس} أي عزم في الحرب {شديد * والأمر} راجع وموكول {إليك} أي كل من المسالمة والمصادمة {فانظري} بسبب أنه لا نزاع معك {ماذا تأمرين*} أي به فإنه مسموع.
ولما علمت أن من سخر له الطير على هذا الوجه لا يعجزه شيء يريده، ولا أحد يكيده، مالت إلى المسالمة، فاستأنف سبحانه وتعالى الإخبار عنها بقوله: {قالت} جواباً لما أحست في جوابهم من ميلهم إلى الحرب أن الصواب من غير ارتياب أن نحتال في عدم قصد هذا الملك المطاع؛ ثم عللت هذا الذي أفهمه سياق كلامها بقولها