كتاب نظم الدرر في تناسب الآيات والسور (اسم الجزء: 14)

عن ذلك انشرح صدره، واتسع فكره، فعلم من أسرار القرآن ما لا يعلمه غير {واتقوا الله ويعلمكم الله} [البقرة: 282] .
ولما كان الناهي في الحقيقة إنما هو ذكر الله، أتبع ذلك الحث على روح الصلاة والمقصد الأعظم منها، وهو المراقبة لمن يصلي له حتى كأنه يراه ليكون بذلك في أعظم الذكر بقوله: {ولذكر الله} أي ولأن ذكر المستحق لكل صفة كمال {أكبر} أي من كل شيء، فمن استحضر ذلك بقلبه هان عنده كل شيء سواه «إن عبدي كل عبدي للذي يذكرني عند لقاء قرنه» أو يكون المراد أن من واظب على الصلاة ذكر الله، ومن ذكره أوشك أن يرق قلبه، ومن رق قلبه استنار لبه، فأوشك أن ينهاه هذا الذكر المثمر لهذه الثمرة عن المعصية، فكان ذكر الذاكر له سبحانه أكبر نهياً له عن المنكر من نهي الصلاة له، وكان ذكره له سبحانه كبيراً، كما قال تعالى {فاذكروني أذكركم} وإذا كان هذا شأن ذكر العبد لمولاه، فما ظنك بذكر مولاه له كلما أقبل عليه بصلاة فإنه جدير بأن يرفعه إلى حد لا يوصف، ويلبسه من أنواره ملابس لا تحصر.

الصفحة 448