كتاب نظم الدرر في تناسب الآيات والسور (اسم الجزء: 14)

ما يصدقه ولا ما يكذبه فلا تصدقوهم ولا تكذبوهم، فإن هذا أدعى إلى الإنصاف، وأنفى للخلاف.
ولما لم يكن هذا جامعاً للفريقين، أتبعه بما يجمعهما فقال: {وإلهنا وإلهكم} ولما كان من المعلوم قطعاً أن المراد به الله، لأن المسلمين لا يعبدون غيره، وكان جميع الفرق مقرين بالإلهية ولو بنوع إقرار لم تدع حاجة إلى أن يقول {إله} كما في بقية الآيات فقال: {واحد} إلى لا إله لنا غيره وإن ادعى بعضكم عزيراً والمسيح {ونحن له} خاصة {مسلمون*} أي خاضعون منقادون أتم انقياد فيما يأمرنا به بعد الأصول من الفروع سواء كانت موافقة لفروعكم كالتوجه بالصلاة إلى بيت المقدس، أو ناسخة كالتوجه إلى الكعبة، ولا نتخذ الأحبار والرهبان أرباباً من دون الله لنأخذ ما يشرعونه لنا مخالفاً لكتابه وسنة نبيه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فنكون حينئذ قد خضعنا لهم وتكبرنا عليه فأوقعنا الإسلام في غير موضعه ظلماً.
ولما كان التقدير تعليلاً للأمر بهذا القول: إنا أنزلنا كتبهم إلى رسلهم، عطف عليه قوله مخاطباً للرأس تخصيصاً له لئلا يتطرق لمتعنت طعن

الصفحة 451