كتاب نظم الدرر في تناسب الآيات والسور (اسم الجزء: 14)

وعنادهم: {أولم يكفهم} أي إن كانوا طالبين للحق غير متعنتين آية بينة مغنية عن كل آية {أنا أنزلنا} بعظمتنا {عليك الكتاب} أي الجامع لسعادة الدارين بحيث صار خلقاً لك غالباً على حركاتك وسكناتك {يتلى عليهم} أي يتجدد متابعة قراءته عليهم شيئاً بعد شيء في كل مكان وكل زمان من كل تالٍ مصدقاً لما في الكتب القديمة من نعتك وغيره من الآيات الدالة على صدقك، يتحدّون بكل شيء نزل منه مع تحديهم بما قبله من آياته صباح مساء، يصفعون بذلك مدى الدهر في أقفائهم ويدفعون، فكلما أرادوا التقدم ردوا عجزاً إلى ورائهم، فأعظم به آية باقية، إذ كل آية سواه منقضية ماضية، وقال الشيخ أبو العباس المرسي: خشع بعض الصحابة رضي الله عنهم من سماع اليهود بقراءة التوراة فعتبوا إذ تخشعوا من غير القرآن، وهم إنما تخشعوا من التوراة وفي كلام الله فما ظنك بمن أعرض عن كتاب الله وتخشع بالملاهي والغناء.
ولما كان هذا أعظم من كل آية يقترحونها ولو توالى عليهم إتيانها كل يوم لدوام هذا على مر الأيام والشهور، حتى تفنى

الصفحة 457