كتاب نظم الدرر في تناسب الآيات والسور (اسم الجزء: 14)

وهو حرم مكة المشرفة، وأمنه موجب للتوحيد والإخلاص، رغبة في دوامه، وخوفاً من انصرامه، كما كان الخوف في البحر موجباً للإخلاص خوفاً من دوامه، ورغبة في انصرامه {و} الحال أنه {يتخطف} وبناه للمفعول لأن المقصود الفعل لا فاعل معين.
ولما كان التخطف غير خاص بناس دون آخرين، بل كان جميع العرب يغزو بعضهم بعضاً، ويغير بعضهم على بعض بالقتل والأسر والنهب وغير ذلك من أنواع الأذى، قال: {الناس من حولهم} أي من حول من فيه من كل جهة تخطفَ الطيور مع قلة من بمكة وكثر من حولهم، فالذي خرق العادة في فعل ذلك حتى صار على هذا السنن قادر على أن يعكس الحال فيجعل من بالحرم متخطفاً ومن حوله آمناً، أو يجعل الكل في الخوف على منهاج واحد.
ولما تبين أنه لا وجه لشركهم ولا لكفرهم هذه النعمة الظاهرة المكشوفة، تسبب الإنكار في قوله: {أفبالباطل} أي خاصة من الأوثان وغيرها {يؤمنون} والحال أنه لا يشك عاقل في بطلانه، وجاء الحصر من حيث إن من كفر بالله تبعه الكفر بكل حق والتصديق بكل باطل {وبنعمة الله} التي أحدثها لهم من الإنجاء وغيره

الصفحة 479