كتاب نظم الدرر في تناسب الآيات والسور (اسم الجزء: 14)

بفضلك ورحمتك {من ورثة جنة النعيم*} .
ولما دعا لنفسه، ثنى بأحق الخلق ببره فقال: {واغفر لأبي} ثم علل دعاءه بقوله: {إنه كان} في أيام حياته {من الضالين*} والظاهر أن هذا كان قبل معرفته بتأبيد شقائه، ولذلك قال: {ولا تخزني} أي تهني بموته على ما يوجب دخوله النار ولا بغير ذلك {يوم يبعثون*} أي هؤلاء المنكرون للبعث، وكأن هذا الدعاء كان بحضورهم في الإنكار عليهم في عبادة الأصنام، والظاهر أن تخصيص الدعاء بأبيه لأن أمه كانت آمنت كما ورد عن. . . فقد صح أنه يقول يوم القيامة: يا رب! إنك وعدتني ألا تخزيني، أي خزي أخزى من أبي الأبعد، فيبدل الله صورة أبيه صورة ذيخ ثم يلقي به في النار - كما رواه البخاري في غير موضع عن أبي هريرة رضي الله عنه، وأن الله تعالى يقول له: «إني حرمت الجنة على الكافرين» ولو كانت أمة كافرة لسأله فيها.
ولما نبه على أن المقصود هو الآخرة، صرح بالتزهيد في الدنيا بتحقير أجل ما فيها فقال: {يوم لا ينفع} أي أحداً {مال} أي

الصفحة 56