كتاب نظم الدرر في تناسب الآيات والسور (اسم الجزء: 17)

في جو المعاني والطائرة {من الله} أي الجامع لجميع صفات الكمال. ولما كان النظر هنا من بين جميع الصفات إلى العزة والعلم أكثر، لأجل أن المقام لإثبات الصدق وعداً ووعيداً قال: {العزيز العليم *} .
وقال الإمام أبو جعفر بن الزبير: لما افتتح سبحانه سورة الزمر بالإخلاص وذكر سببه والحامل بإذن الله عليه وهو الكتاب، وأعقب ذلك بالتعويض بذكر من بنيت على وصفهم سورة ص وتتابعت الآي في ذلك الغرض إلى توبيخهم بما ضربه سبحانه من المثل الموضح في قوله {ضرب الله مثلاً رجلاً فيه شركاء متشاكسون ورجلاً سلماً لرجل} ووصف الشركاء بالمشاكسة إذ بذلك الغرض يتضح عدم استمرار مراد لأحدهم، وذكر قبح اعتذار لهم بقولهم {ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى} [الزمر: 3] ثم أعقب تعالى بالإعلام بقهره وعزته حتى لا يتخبل مخذول شذوذ أمر عن يده وقهره، فقال الله تعالى {أليس الله بكاف عبده} - إلى قوله: {أليس الله بعزيز ذي انتقام} [الزمر: 37] ثم أتبع ذلك بحال أندادهم من أنها لا تضر ولا تنفع فقال {قل أفرءيتم ما تدعون من دون الله أن أرادني الله بضر هل هن كاشفات ضره أو أرادني برحمة هل هن ممسكات رحمته} [الزمر: 38] ثم أتبع هذا بما يناسبه من شواهد عزته فقال {قل لله الشفاعة جميعاً} [الزمر: 44] {قل اللهم فاطر السموات والأرض عالم الغيب والشهادة} {أو لم يعلموا

الصفحة 3