كتاب نظم الدرر في تناسب الآيات والسور (اسم الجزء: 17)

دائم كل شيء من ثوابها وعقابها، فهي للتلذذ والانتفاع والترفه والاتساع لمن توسل إلى ذلك بحسن الاتباع أو للشقاوة والهلاك، لمن اجترأ على المحارم واستخف الانتهاك قال الأصفهاني: قال بعض العارفين: لو كانت الدنيا ذهباً فانياً والآخرة خزفاً باقياً، لكانت الآخرة خيراً من الدنيا فكيف والدنيا خزف فان، والآخرة ذهب باق بل أشرف وأحسن.
وكما أن النعيم فيها دائم فكذلك العذاب، فكان الترغيب في نعيم الجنان، والترهيب من عذاب النيران، من أعظم وجوه الترغيب والترهيب، فالآية من الاحتباك: ذكر المتاع أولاً دليلاً على حذف التوسع ثانياً، والقرار ثانياً دليلاً على حذف الارتحال أولاً.
ولما حرك الهمم بهذا الوعظ إلى الإعراض عن دار الأنكاد والأمراض، والإقبال على دار الجلال والجمال بخدمة ذي العز والكمال، قال في جواب من سأل عن كيفية ذلك ما حاصله أنه بالإقبال على محاسن الأعمال، وترك السيء من الخلال، واصلاً بذلك على طريق البيان للبيان، ذاكراً عاقبة كل ليثبط عما يتلف، وينشط لما يزلف، مشيراً إلى جانب الرحمة أغلب، مقدماً لما هم عليه من السوء محذراً منه ليرجعوا {من عمل سيئة} أي ما يسوء من أي صنف كان: الذكور والإناث

الصفحة 73