كتاب نظم الدرر في تناسب الآيات والسور (اسم الجزء: 17)

فلا ترى عملاً منجياً ولا ذنباً مهلكاً ولا سبباً حاملاً، والثالثة شهود انفراد الحق بملك الحركة والسكون والقبض والبسط والتفريق والجمع.
ولما علق تفويضه بالاسم العلم الجامع المقتضي للإحاطة، على ذلك بياناً لمراده بقوله مؤكداً لأن عملهم في مكرهم به عمل من يظن أن سبحانه لا يبصرهم ولا ينصره {إن الله} وكرر الاسم الأعظم بياناً لمراده بأنه {بصير} أي بالغ البصر {بالعباد *} ظاهراً وباطناً، فيعلم من يستحق النصرة لاتصافه بأوصاف الكمال ويعلم من يمكر فيرد مكره عليه بما له من الإحاطة.
ولما تسبب عن نصحه هذا لهم والتجائه إلى ملك الملوك حفظه منهم على عظم الخطر، قال تعالى مخبراً أنه صدق ظنه {فوقاه الله} أي جعل له وقاية تجنه منهم بما له سبحانه من الجلال والعظمة والكمال جزاء على تفويضه {سيئات} أي شدائد {ما مكروا} ديناً ودنيا، فنجاه مع موسى عليه السلام تصديقاً لوعده سبحانه بقوله {أنتما ومن اتبعكما الغالبون} [القصص: 35] ولما كان المكر السيء لا يحيق إلا بأهله قال: {وحاق} أي نزل محيطاً بعد إحاطة الإغراق {بآل فرعون} أي كلهم فرعون وأتباعه لأجل إصرارهم على الكفر ومكرهم، فالإحاطة

الصفحة 80