كتاب نظم الدرر في تناسب الآيات والسور (اسم الجزء: 17)

عدم إجابتهم فسببوا عن إخبارهم بعدم إجابتهم للرسل عدم إجابة دعائهم فقال تعالى مخبراً عنهم: {قالوا} أي الخزنة: {فادعوا} أي أنتم الآن الله أو أهل الله من رسل البشر أو الملائكة أو غيرهم، أو لا تدعوا فإنه لا يسمع لكم.
ولما كان أمرهم بالدعاء موجباً لأن يظنوا نفعه، أتبعوه بما أيأسهم لأن ذلك أنكأ وأوجع وأشد عليهم وأفظع بقولهم: {وما} دعاؤكم - هكذا كان الأصل، ولكنه أتى بالوصف تعليقاً للحكم به فقال: {دعاءُ الكافرين} أي الساترين لمرائي عقولهم عن أنوار العقل المؤيد بصحيح النقل {إلا في ضلال *} أي ذهاب في غير طريق موصل كما كانوا هم في الدنيا كذلك فإن الدنيا مزرعة الآخرة، من زرع شيئاً في الدنيا حصده في الآخرة، والآخرة ثمرة الدنيا لا تثمر إلا من جنس ما غرس في الدنيا.
ولما كان حاصل ما مضى من هذا القص الذي هو أحلى من الشراب، وأغلى من الجوهر المنظم في أعناق الكواعب الأتراب، لأنه سبحانه نصر الرسل على أممهم حين هموا بأخذهم، فلم يصلوا إليهم ثم أهلكهم الله هذا في الدنيا، وأما في الآخرة فعذبهم أشد العذاب، وكذلك نصر موسى عليه السلام والمؤمن الذي دافع عنه، وكان نصر

الصفحة 86