كتاب نفح الأزهار في منتخبات الأشعار

للشيخ ناصيف اليازجي في الأمير حيدر أبي اللمع الذي كان والياً في جبل لبنان

ألمرء في الدنيا خيال قد سرى ... والعيش مثل الحلم في سنة الكرى
والناس ركب قد أناخ بمنزل ... فبنى على الطرق المدائن والقرى
لا مرحباً إن جاءت الدنيا ولا ... أسفاً إذا ولت وما الدنيا ترى
هي كالسراب يزيد مهجة وارد ... ظمأ ويملأ مقلتيه منظرا
غرارة يسبي الحكيم خداعها ... مكراً ويطغي الفيلسوف الأكبرا
لاحت لنا نار الحباحب في الدجى ... منها فخلنا أنها نار القرى
عشنا كأنا لم نعش ونموت عن ... كثب كأنا لم نكن بين الورى
ذهب الزمان ومن طواه مقدماً ... وكذاك يذهب من يليه مؤخرا
نبكي ونضحك للمنية والمنى ... وكلاهما عبث يدور مكررا
بتنا ننادي حيدراً ويحي وما ... يجدي إذا بتنا ننادي حيدرا
هذا الأمير قضى فسالت أكبد ... ومدامع وجرى القضاء بما جرى
لم تحمه البيض الصوارم والقنا ... والشوس والجرد السلاهب والذرى
هذا الذي ضبط البلاد بكفه ... قد بات مغلول اليدين معفرا
يا طالما أغنى الفقير بجوده ... واليوم صار أضر منه وأفقرا
أمسى وحيداً في جوانب حفرة ... من كان يجمع في حماه عسكرا
منا السلام بكل تكرمة على ... من لم يمد إلى وداع خنصرا
قامت تشيعه الرجال مشخصاً ... ومضت تشيعه القلوب مصورا
أولى العباد برحمة من لم يكن ... عرف المظالم في العباد ولا درى

الصفحة 108