كتاب نفح الأزهار في منتخبات الأشعار

وأحق بالإحسان من لم يهمل ال ... معروف قط ولم يباشر منكرا
بكت الأرامل واليتامى حسرة ... لما رأت قلب السماح تحسرا
وتنهد المجد الذي رباه من ... صغر فكان له أباً ومدبرا
سلب الزمان من الأفاضل درة ... لو كلفوه بمثلها لتعذرا
ولربما نفد الزمان وذكره ... نملي به جملاً ونكتب أسطرا
قد كان عفواً في الوفاء ولم يزل ... في الحلم معناً والسماحة جعفرا
وإذا تفقدت المحامد كلها ... ألفيت كل الصيد في جوف الفرا
كل يبالغ في المديح بشعره ... ويظل مادحه الأمين مقصرا
ومتى طلبنا ريبة في نفسه ... كانت لنا عنقاء مغرب أيسرا
ذاك الذي لم يتخذ لكنوزه ... عرضاً من الدنيا فصادف جوهرا
حق على الخطباء ذكر صفاته ... مثلاً شروداً حين تعلو المنبرا
بحر حواه النعش فوق مناكب ... تسعى ولم نعهد كذاك الأبحرا
وفريدة في الرمس قد دفنت وكم ... من معدن تحت التراب تسترا
ويلاه من هذي الحياة فإنها ... كالظل تحت الشمس يمشي القهقرى
إن الحياة هي الشباب وإن تزد ... نقصت كلفظ بالزيادة صغرا
نرجو من الدنيا الدوام ونفسها ... كحطامها مما يباع ويشترى
دول وأجيال تمر وتنقضي ... فيها وتبقى الكائنات كما ترى
فسقت غوادي الفضل تربة فاضل ... ممن يؤرخ كأن غوثاً للورى
كنا نؤرخ فضل منحة كفه ... صرنا نؤرخ رمسه تحت الثرى

الصفحة 109