كتاب نفح الأزهار في منتخبات الأشعار

وأفضل ما اشتغلت به كتاب ... جليل نفعه حلو المذاق
وعشرة حاذق فطن لبيب ... يفيدك من معانيه الدفاق
مضى ذكر الملوك بكل عصر ... وذكر السوقة العلماء باق
وكم علم جنى مالاً وجاهاً ... وكم مال جنى حرب السباق
وما نفع الدراهم مع جهول ... يباع بدرهم وقت النفاق
إذا حمل النضار على نياق ... فأي الفخر يحسب للنياق
وأقبح ما يكون غنى بخيل ... يغص وماؤه ملء الزقاق
إذا ملكت يداه الفلس أمسى ... رقيقاً ليس يطمع في العتاق
ألا يا جامع الأموال هلا ... جمعت لها زماناً لافتراق
رأيتك تطلب الإبحار جهلاً ... وأنت تكاد تغرق في السواقي
إذا أحرزت مال الأرض طراً ... فما لك فوق عيشك من تراق
أتأكل كل يوم ألف كبش ... وتلبس ألف طاق فوق طاق
فضول المال ذاهبة جزافاً ... كماء صب في كأس دهاق
يفيض سدى وقد يسطو عليها ... فينقص ملأها عند اندفاق
مضت دول العلوم الزهر قدماً ... وقامت دولة الصفر الرفاق
وأبرزت الخلاعة معصميها ... وبات الجهل ممدود الرواق
فأصبح يدعي بالسبق جهلاً ... زعانف يعجزون عن اللحاق
إذا هلكت رجال الحي أضحى ... صبي القوم يحلف بالطلاق
أسر الناس في الدنيا جهول ... يفكر في اصطباح واغتياق

الصفحة 61