كتاب نظرة تاريخية في حدوث المذاهب الفقهية الأربعة

وَكَانَ سَبَبُ ذَلِكَ أَنَّهُ كَانَ عِنْدَهُ إِنْسَانٌ يُعْرَفُ بِالْفَخْرِ (*) مُبَارَكِ شَاه يَقُولُ الشِّعْرَ بِالْفَارِسِيَّةِ، مُتَفَنِّنًا فِي كَثِيرٍ مِنَ الْعُلُومِ، فَأَوْصَلَ إِلَى غِيَاثِ الدِّينِ الشَّيْخَ وَحِيدَ الدِّينِ أَبَا الْفَتْحِ مُحَمَّدَ بْنَ مَحْمُودٍ الْمَرْوَرُوذِيَّ الفَقِيهَ الشَّافِعِيَّ، فَأَوْضَحَ لَهُ مَذْهَبَ الشَّافِعِيِّ، وَبَيَّنَ لَهُ فَسَادَ مَذْهَبِ الْكَرَّامِيَّةِ، فَصَارَ شَافِعِيًّا، وَبَنَى المَدَارِسَ لِلشَّافِعِيَّةِ، وَبَنَى بِغَزْنَةَ مَسْجِدًا لَهُمْ أَيْضًا، وَأَكْثَرَ مُرَاعَاتَهُمْ، فَسَعَى الْكَرَّامِيَّةُ فِي أَذَى وَجِيهِ الدِّينِ، فَلَمْ يُقَدِّرْهُمُ اللَّهُ - تَعَالَى - عَلَى ذَلِكَ.
وَقِيلَ إِنَّ غِيَاثَ الدِّينِ وَأَخَاهُ شِهَابَ الدِّينِ لَمَّا مَلَكَا فِي خُرَاسَانَ قِيلَ لَهُمَا: إِنَّ النَّاسَ فِي جَمِيعِ البِلاَدِ يُزْرُونَ عَنْ (¬1) الكَرَّامِيَّةِ وَيَحْتَقِرُونَهُمْ، وَالرَّأْيُ أَنْ تُفَارِقَا مَذَاهِبَهُمْ فَصَارَا شَافِعِيَّيْنِ، وَقِيلَ: إِنَّ شِهَابَ الدِّينِ كَانَ حَنَفِيًّا - وَاللَّهُ أَعْلَمُ».

وكان الحنفي غالبًا على بغداد كما قدمنا، ثم زاحمه فيها الشافعي وكانت له كثرة، ومع أن الحنفي كان مذهب الدولة لم يمنع ذلك من تقليد بعض الخلفاء للشافعي، كما فعل المتوكل. وهو أول من فعل ذلك منهم (¬2).

وكان الحسن بن محمد الزعفراني، من رواة القديم عن الشافعي، أحد من نشره فيها، وتوي سنة 260 هـ.
¬__________
(¬1) في الأصل يزورون (**) على، والصواب ما أثبتناه. اهـ. الناشر.
(¬2) عن " محاضرة الأوائل " ( ... ).

[تَعْلِيقُ مُعِدِّ الكِتَابِ لِلْمَكْتَبَةِ الشَّامِلَةِ]:
(*) في المطبوع من الكتاب وردت (الغجر) والصواب ما أثبته، انظر " الكامل في التاريخ " لابن الأثير، 10/ 264 (ذكر حوادث أخرى)، تحقيق الدكتور محمد يوسف الدقاق، الطبعة الرابعة: 1424 هـ - 2003 م، نشر دار الكتب العلمية، بيروت - لبنان.
(**) وردت (يُزْرُونَ) انظر المصدر السالف الذكر، نفس الصحفة والجزء.
( ... ) " محاضرة الأوائل ومسامرة الأواخر "، تأليف العلامة علاء الدين علي دده الكتواري البسنوي، طبع بالمطبعة الميرية ببولاق - مصر، الطبعة الأولى: 1300 هـ.

الصفحة 78