كتاب نظرة تاريخية في حدوث المذاهب الفقهية الأربعة

وذكر المقدسي أنه كان موجودًا في القرن الرابع بالبصرة، وبإقليم فور والديلم والرحاب، وبالسوس من إقليم خوزستان، وأن الغلبة في بغداد كانت له وللشيعة.

وذكر في كلامه على مصر أن الفُتْيَا في زمنه كانت فيها على مذهب الفاطمي إلا أن سائر المذاهب كانت موجودة ظاهرة بالفسطاط. قال: «وَثُمَّ محلة للكرامية، وحلة للمعتزلة، والحنبلية.
قلنا: مهما يكن من انتشاره في كثير من البلدان، فإن مقلديه فيها قليلون في كل عصر، وإلى ذلك يشير الخفاجي في " الريحانه " في ترجمة زين الدين محمد الأنصاري الخزرجي بقول: «تفقه على مذهب أحمد بن حنبل، فكان طلابه سهل المورد عذب المنهل».
«وَلِلْنَّاسِ فِيمَا يَعْشَقُونَ مَذَاهِبُ» وهم في كل عصر أقل من القليل وهكذا الكرام كما قيل:
يَقُولُونَ لِي قَدْ قَلَّ مَذْهَبُ أَحْمَدَ * ... * ... * وَكُلُّ قَلِيلٍ فِي الأَنَامِ ضَئِيلٌ
فَقُلْتُ لَهُمْ: مَهْلاً غَلَطْتُمْ بِزَعْمِكُمْ * ... * ... * أَلَمْ تَعْلَمُوا أَنَّ الكِرَامَ قَلِيلُ
وَمَا ضَرَّنَا أَنَّا قَلِيلُ، وَجَارُنَا * ... * ... * عَزِيزٌ، وَجَارُ الأَكْثَرِينَ ذَلِيلُ

قلنا: ولم نسمع بغلبته على ناحية إلا على البلاد النجدية الآن، وعلى بغداد في القرن الرابع، واستفحل أمره بها حوالي سنة 323 هـ.

الصفحة 83