كتاب نجاح القاري شرح صحيح البخاري - كتاب الجنائز (اسم الجزء: 1)

المقدمة
الحمد لله العليم الحكيم باعث الرسل إلى طريقه المستقيم، والصلاة والسلام على من جاء رحمة للعالمين ومنقذًا للبشرية من الشر والضلال {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ (١٠٧)} [الأنبياء: ١٠٧] نبينًا محمَّد - صلى الله عليه وسلم - وعلى آله وصحبه أجمعين وسلم تسليمًا كثيرًا.
أما بعد، فإنما الهدى هدى الله وقد اشتمل عليه كتابه الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد.
والسنة النبوية بعد القرآن الكريم أشرف العلوم وأعلاها؛ إذ هي المبينة لمشكله، المفصّلة لمجمله، المخصّصة لعامه، المقيّدة لمطلقه وفيها أسند الله إلى رسوله - صلى الله عليه وسلم -، بيان القرآن {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ} [النحل: ٤٤].
لهذا تضافرت جهود المحدثين لخدمة السنة النبوية واهتموا بحفظها وتدوينها اهتمامًا بالغًا، فقد نقل الصحابة ـ رضوان الله عليهم ـ لنا أقوال رسول الله، - صلى الله عليه وسلم -، وأفعاله كلها من مطعم ومشرب ويقظة ونوم وقيام وقعود، فلم يتركوا شيئًا صدر عنه، - صلى الله عليه وسلم -، إلا نقلوه.
فإن أشرف ما اشتغل به طالب العلم من بحثٍ ومراجعةٍ بعد كتاب الله الذي هو حبله المتين، الهادي للتي هي أقوم، هو دراسة كلام رسوله - صلى الله عليه وسلم -، واستنباط الأحكام منه، والاستدلال به، والاعتماد عليه في حل مشاكل الحياة، وقد قام حملة كنوز الشريعة وحماة الملة بعنايةٍ فائقة وجهودٍ عظيمة، يذودون عن الملة، ويبَصِّرون التائه بمنار الطريق، فخدموا سنة رسول الله جمعًا وتنسيقًا واستنباطًا، وإيضاح ما قد يشكل، وكشف ما قد يوهم، فتركوا لنا ثروةً علمية عظيمة نفيسة.
وممن اعتنى بذلك العلامة: "يوسف زاده"، فألّف كتابه "نجاح القاري شرح صحيح البخاري" الذي يعد أوسع شرح لجامع الصحيح"، قد أفرغ فيه مؤلفه وسعه، وبذل جُهده حتى أخرجه للناس كتابًا جامعًا لآراء السَلَف رواية ودراية، مشتملًا على أقوال الخَلَف بكل أمانة وعناية، فهو جامع

الصفحة 1