كتاب الناسخ والمنسوخ للقاسم بن سلام - محققا (اسم الجزء: 1)

قال أبو عبيد فمن قرأ هذه القراءة التي قرأ بها عبيد بن عمير ومجاهد وعطاء وكثير عن القراء، منهم أبو عمرو بن العلاء (¬1) وغيره من أهل البصرة فإنهم يريدون بالنسخ ما نسخه الله عز وجلّ لمحمد- صلّى الله عليه- من اللوح المحفوظ فأنزله عليه. فيصير المنسوخ على هذا التأويل وبهذه القراءة جميع القرآن (¬2) يقولون: لأنه نسخ للنبي- صلّى الله عليه- من أم الكتاب فأنزله عليه، ويكون النسأ: ما أخره الله عز وجل وتركه في أم الكتاب فلم ينزله، وكذلك النسأ في التأويل إنما هو التأخير، ومنه قوله عز وجل: إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيادَةٌ فِي الْكُفْرِ (¬3) هو في التفسير تأخيرهم تحريم المحرّم إلى صفر.
وكذلك حديث النبي- صلّى الله عليه- «من سرّه النسيء في الأجل والمدّ في الرزق فليصل رحمه» (¬4).
11 - أخبرنا علي قال: حدثنا أبو عبيد قال سمعت عبّاد بن عبّاد المهلبي يحدثه عن يزيد الرّقاشي عن أنس عن النبي- صلّى الله عليه.
قال أبو عبيد: فهذا الذي أراد عطاء (¬5) بقوله: ما نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ قال: ما نزل من القرآن، وبقوله: (أو ننسأها) قال نؤخرها.
قال أبو عبيد: وهو مذهب من قرأ بهذه القراءة وتأول هذا التأويل.
¬__________
(¬1) أبو عمرو بن العلاء بن عمار بن العريان بن عبد الله بن الحصين المازني النحوي البصري المقري، أحد الأئمة القراء السبعة. قال في التقريب: ثقة من علماء العربية من الخامسة، مات سنة أربع وخمسين وهو ابن ست وثمانين سنة.
(التهذيب 12/ 178، التقريب 2/ 454).
(¬2) كتبت في المخطوط «القراء» وكتب في هامشه صواب ذلك «القرآن» فأعدنا الصواب إلى مكانه في النص.
(¬3) التوبة آية (37).
(¬4) رواه البخاري في صحيحه بلفظ مقارب ج 3، كتاب البيوع «باب من أحب البسط في الرزق» ص 8، ورواه الإمام أحمد في المسند 5/ 279 ط دار الفكر.
(¬5) هو عطاء بن أبي رباح.

الصفحة 10