كتاب الناسخ والمنسوخ للقاسم بن سلام - محققا (اسم الجزء: 1)

صومكم في السفر يقول: فقد يكون الإفطار في السفر برا أيضا، فإذا كان المسافر مطيقا للصيام غير مشقوق عليه فيه فالصيام والإفطار مباحان له على ما ذكرنا من الأحاديث المتقدمة عن النبى- صلّى الله عليه- وصحابته، فإذا [أقام] (¬1) المسافر وصح المريض فالأداء (¬2) عليهما: القضاء، ليس لهما غيره من الطعام ولا سواه لقوله في محكم الآية فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ فهذه حال الطائفة الثانية. وأما الثالثة: فالشيوخ والعجز (¬3) الذين قد حيل بينهم وبين الصيام هرما (¬4) وكبرا ولا يرجى لهما قوة تئوب إليهم، فيقضوه صوما، فهم الذين قال العلماء فيهم: إن الآية التي في قوله: وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعامُ مِسْكِينٍ قد صارت محكمة لهم ومنسوخة لغيرهم، وهذا الذي رآه ابن شهاب بقوله: وبقيت الفدية للكبير الذي لا يطيق الصيام والذي يعرض له العطش (¬5).
قال: أبو عبيد: وقد تتابعت به الآثار على هذا التأويل أيضا.
89 - أخبرنا علي قال: حدثنا أبو عبيد قال: حدثنا إسحاق بن يوسف الأزرق (¬6) عن عبد الملك بن أبي (¬7) سليمان عن عطاء (¬8) وسعيد بن
¬__________
(¬1) في المخطوط (قام) بلا همزة والصواب إثباتها. قال في مختار الصحاح: أقام بالمكان، وقال صاحب القاموس: أقام بالمكان إقامة وقامة: أدام.
(مختار الصحاح للرازي ص 557، القاموس المحيط للفيروزآبادى 4/ 168).
(¬2) العبارة هنا سليمة المبنى إذ مراده: أن المسافر إذا أقام والمريض إذا صح وكانا قد أفطرا فالواجب الذي عليهما أداؤه، قضاء ما أفطروا من رمضان ليس عليهما إطعام.
(¬3) العجز: جمع عجوز وعجوزة وهي المرأة المسنة وتجمع على عجائز.
(النهاية 3/ 186).
(¬4) هرما: الهرم الكبر، وقد هرم يهرم فهو هرم.
(النهاية 5/ 261).
(¬5) مر تخريجه الأثر (66).
(¬6) إسحاق بن يوسف بن مرداس المخزومي الواسطي المعروف بالأزرق، ثقة، من التاسعة، مات سنة خمس وتسعين وله ثمان وسبعون.
(التقريب 1/ 63).
(¬7) كلمة «أبى» ساقطة من السند وقد علقها الناسخ في هامش المخطوط فأعدتها إلى موضعها.
(¬8) هو عطاء بن أبي رباح.

الصفحة 54